الرئيسية درس حول الالكترونيات-المواد شبه الموصلة (Semiconductor Materials)-

المواد شبه الموصلة (Semiconductor Materials)



لقد تم استخدام المواد شبه الموصلة في صناعة الترانزستور لما تتميز به هذه المواد من خصائص فريدة عند توصيلها للكهرباء فهي تختلف عن المواد الموصلة للكهرباء بإمكانية التحكم في درجة توصيلها من خلال إضافة شوائب من عناصر محددة في بنيتها البلورية. وتتوفر المواد شبه الموصلة على الأرض إما على شكل عناصر فيزيائية خالصة تقع في العامود الرابع من الجدول الدوري وهي عنصري الجرمانيوم والسيليكون أو من مواد مركبة ناتجة عن خلط بعض عناصر العمود الثالث كالبورون والألمنيوم والأنديوم والقاليوم مع عناصر العمود الخامس كالفوسفور والزرنيخ (الأرسنيد) والبزموث منتجة مواد شبه موصلة كفوسفيد الإنديوم وأرسنيد القاليوم وغيرها من المركبات التي قد تتفوق على العناصر شبه الموصلة الخالصة في بعض خصائصها الكهربائية. لقد كان الجرمانيوم هو العنصر المستخدم في صناعة الترانزستورات في بداية عهدها إلا أنها لم تكن تعمل بشكل موثوق إلا عند درجات الحرارة التي تقل عن أربعين درجة مئوية وذلك بسبب حساسية الجرمانيوم العالية للحرارة والتي تعود لتدني قيمة فجوة الطاقة (energy gap) بين نطاقي التكافؤ والتوصيل (conduction & valence bands) فيها والتي يبلغ 0.7 إلكترون فولت. وفي عام 1954م تمكن المهندسون من استخدام السيليكون في صناعة الترانزستور بعد التغلب على بعض المشاكل التصنيعية. ويتميز السيليكون على الجرمانيوم بكبر قيمة فجوة الطاقة فيه حيث تبلغ 1.1 إلكترون فولت مما يعطيه ثباتا كبيرا في خصائصه الكهربائية يمتد على نطاق واسع من درجات الحرارة. ومن حسنات السيليكون أن مادته الخام وهي ثاني أكسيد السيليكون (SiO2) متوفرة بكميات كبيرة في الطبيعة خاصة في رمال الصحراء. إن المواد شبه الموصلة النقية تعتبر مواد عازلة للكهرباء ولكن يمكن تحويلها إلى مواد موصلة من خلال إضافة شوائب من مواد محددة حيث تزيد موصليتها مع زيادة نسبة الشوائب فيها. ويتم التحكم بدرجة توصيل مادة السيليكون النقي أو غيره من المواد شبه الموصلة من خلال إضافة مواد شائبة في بنيتها بما يسمى عملية التطعيم (doping). ويوجد نوعان من التطعيم فالنوع الأول يتم من خلال إضافة مادة شائبة بمقدار ضئيل ومحدد مأخوذة من عناصر العامود الخامس في الجدول الدوري كالفوسفور مثلا ويكون الناتج في هذه الحالة مادة شبه موصلة تمتلك فائض من الإلكترونات الحرة ويطلق على هذا النوع من المواد الشائبة اسم المواد المانحة (donars). ويساوي عدد الإلكترونات الفائضة عدد ذرات المادة الشائبة المضافة ويطلق على هذه المادة شبه الموصلة المطعمة شبه موصل من النوع السالب (N-type) وذلك لأن الإلكترونات ذات الشحنات السالبة هي المسؤولة عن حركة التيار الكهربائي فيها. أما النوع الثاني فيتم تصنيعه من خلال إضافة مادة شائبة من عناصر العامود الثالث في الجدول الدوري كالبورون مثلا منتجة بذلك مادة شبه موصلة تفتقر إلى الإلكترونات الحرة في المدار الخارجي لذراتها وقد أطلق العلماء على هذا المكان الخالي من الإلكترون اسم الفجوة (hole) ويطلق على هذا النوع من المواد الشائبة اسم المواد القابلة (acceptors). وعند تسليط جهد كهربائي على هذه المادة المطعمة فإن الفجوات ستتحرك عند انتقال الإلكترونات إليها بعكس اتجاه حركة الإلكترونات ولذا يمكن تخيلها على أنها حاملة لشحنات موجبة ولذلك يطلق على هذه المادة المطعمة شبه موصل من النوع الموجب (P-type). وعند تطعيم منطقتين متجاورتين على بلورة من مادة شبه موصلة كالسيليكون مثلا بحيث تكون أحدهما من النوع السالب والأخرى من النوع الموجب فإنه يتكون عند الحد الفاصل بينهما منطقة تسمى المنطقة المنضبة (depletion region). وتتكون هذه المنطقة نتيجة لهجرة الإلكترونات الزائدة الموجودة في المنطقة السالبة إلى المنطقة الموجبة لتملأ الفجوات الموجودة فيها ولكن هذه الهجرة ستقتصر فقط على الإلكترونات الموجودة في المناطق المجاورة للحد الفاصل بين المنطقتين. ويعود السبب في ذلك إلى أن الإلكترونات المهاجرة ستترك خلفها ذرات موجبة الشحنة وعند وصولها إلى المنطقة الموجبة فإنها ستحول ذراتها إلى ذرات سالبة الشحنة وبهذا سيتكون فرق جهد بين طرفي المنطقة المنضبة وإذا ما وصل فرق الجهد هذا إلى قيمة معينة فإن المجال الكهربائي الناتج عنه سيحول دون هجرة مزيد من الإلكترونات. ويطلق على فرق الجهد هذا أسماء عدة منها جهد الوصلة (junction voltage) أو جهد الحجز (barrier voltage) أو الجهد المبيت (built-in voltage) وتتحدد قيمته وكذلك مقدار عرض المنطقة المنضبة بشكل رئيسي من نوع المادة شبه الموصلة وبشكل ثانوي من تركيز التطعيم في المنطقتين وتبلغ قيمته 0.7 فولت تقريبا للسيليكون و 0.27 فولت للجرمانيوم. إن مبدأ عمل الترانزستورات وكذلك الثنائيات يعتمد على وجود هذه المنطقة المنضبة فعند تسليط فرق جهد من مصدر خارجي على طرفي المنطقتين من النوع الموجب والسالب أو ما يسمى بوصلة موجب-سالب (PN junction) فإنه يمكن التحكم بعرض هذه المنطقة المنضبة وكذلك فرق الجهد المحصل عليها. فعندما يتم وصل الطرف الموجب للمصدر بالمنطقة الموجبة والقطب السالب بالسالبة فإن إتجاه المجال الكهربائي المسلط سيكون بعكس إتجاه المجال الكهربائي المبيت فيعمل على تقليله وعندما تصل قيمة الجهد المسلط قيمة الجهد المبيت فإن المنطقة المنضبة ستختفي تماما وسيمر تيار كهربائي من خلال الوصلة ويسمى هذا النوع من التسليط للجهد بالإنحياز الأمامي (forward bias). أما إذا تم وصل الطرف الموجب للمصدر بالمنطقة السالبة والسالب بالموجبة فإن إتجاه المجال الكهربائي المسلط سيكون بنفس إتجاه المجال الكهربائي المبيت فيعمل على تقويته مما يمنع مرور أي تيار من خلال الوصلة ويسمى هذا النوع من التسليط للجهد بالإنحياز العكسي (backward bias). إن مثل هذه الجهاز الإلكتروني البسيط المكون من وصلة واحدة (single junction) يعمل كثنائي (diode) يسمح بمرور التيار في إتجاه معين ولا يسمح بمروره في الإتجاه المعاكس ولهذه الثنائيات تطبيقات واسعة سنبينها في حينها.